النظرية النسبية لآينشتاين
هي مقالة مبسطة لتقريب فكرة النظرية النسبية العامة والخاصة من القارئ الكريم وقد نشرت في مجلة الفيزياء العصرية
بقلم الأستاذ . مصطفى محمود قرطع
مدرس فيزياء وعضو هيئة تحرير صحيفة محلية في مصراته – ليبيا
إن النظرية النسبية الخاصة والعامة للعالم الشهير ألبرت آينشتاين غيرت الكثير من المفاهيم والمعارف، ونظمتها في إطار حقيقي صحيح وقدمت التفسيرات لعديد من الظواهر الكونية وفتحت أعين البشر على حقائق كانت تجهلها الأجيال السابقة لعديد من القرون.
أ: ورطة الزمن (The Time quadrant)
عندما ننظر عبر الكون الشاسع نشاهد أضواء النجوم والمجرات ونحن نعلم أن الضوء لا ينتشر بشكل آني أو لحظي ومعنى ذلك هو أننا عندما ننظر إلى جسم بعيد جدا فإننا نراه على الصورة التي كان عليها لحظة انطلاقه، وليس عما هو عليه الآن. وبما أن المجرات غاية في البعد علينا فإننا نراها كما كانت قبل ملايين السنين، فمثلا عندما ننظر إلى مجرة المرأة المسلسلة فإننا نراها كما كانت عليه قبل حوالي مليونين من السنوات. وأن المسافة لأقرب كواسار تقارب من عشرة بليون سنة ضوئية، أي أننا نراها الآن كما كانت قبل أن تتجمع الأرض.
ب: إن هذا الحجاب الزمني الذي استعرضناه يعتبر عائقا صلبا يعجز الإنسان على اختراقه ولو حتى بالفكر. وأن أية معلومات كونية يتم الوصول إليها سوف لن تكون آنية بسبب ورطة الزمن وعطالته، ولا يوجد طريقة لاختزاله وتجاوزه إلا في الفكر البشري فقط وأداته في ذلك هو علم الرياضيات.
جـ : من هو ألبرت أينشتاين:
إنه من أشهر علماء الفيزياء والرياضيات في القرن العشرين وهو من مواليد مدينة أولم الألمانية في يوم 14. آذار مارس. 1879 م وكان والده صاحب مصنع كهر وكيميائي صغير ولم يكن الوليد ألبرت آينشتاين فذا على الإطلاق وحيث كان ضعيف البنية، ثقيل الذهن، بطي النطق، يحب العزلة والانطواء وحينما أصبح فتى اشتد ميله للعلوم الطبيعية والرياضيات وكان متفوقا على جميع أقرانه في الرياضيات لكنه ضعيف في المواد الأدبية والحفظية واللغات القديمة.
د: نشأة النظرية النسبية:
اهتم كثيرا بعلم الفيزياء وأثارت دهشته الحقائق الفيزيائية المكتشفة ومنها بالذات عن سرعة الضوء فبدأت تراود مخيلته فكرة ماذا لو ان أحد استقل موجة ضوئية سوف لن يشعر بأنها موجة وتواردت الأفكار بغزارة على مخيلته، وبرزت أمور مزعجة وتناقضات حول فكرة السفر بسرعة الضوء وبرز أيضا موضوع التزامن بين حادثين ينظر إليهما من موضعين أحدهما ساكن والآخر متحرك. وكان السؤال، ماذا يعني القول بحادثين في اللحظة نفسها، ولقد عبر آينشتاين وهو في العشرينات والثلاثينيات من عمره عن هذه الأحداث بالنظرية النسبية الخاصة عام 1905 م ثم أتبعها بالنظرية النسبية العامة ولقد تم التأكد من صحتهما من خلال العديد من التجارب والحصول على تفسيرات صحيحة للعديد من الظواهر الفيزيائية والكونية.
وتتضمن النظريتان الخاصة والعامة الحقائق التالية:
1 الكون رباعي الأبعاد:
وتنص هذه النظرية على أنه كي يتم تعيين موضع نقطة مادية فلا يكفي أن نعين إحداثياتها الثلاثة وهي الطول والعرض والارتفاع، بل يجب إدخال إحداثي رابع هو الزمن الذي يصعب تصوره وتعيين موضعه، وأية حادثة لا يمكن أن تحدد بدقة تامة إلا من خلال معرفة إحداثياتها الأربعة لأنه لا يوجد مكان مطلق مستقل عن الزمن أبدا.
2 الأثير:
أنكرت النظرية النسبية لآينشتاين الأثير وهو المفترض أن يكون الجسم المادي الشفاف المرن الذي يملأ الكون حيث أنه لولا هذا الجسم المادي الصلب لما تمكن الضوء من السير في الفضاء فحسب قوانين النسبية لا يوجد ما يسمى بالمكان المطلق أو الزمان المطلق وإن كل هذه الأمور نسبية وأنه لا يوجد في الفضاء نجم أو نقطة معينة بذاتها يمكن اعتبارها ساكنة (مطلقة).
3. تقلص الأطوال وتمدد الزمن وتزايد الكتلة:
وفق النظرية النسبية، وجد أن الأجسام التي تتحرك بسرعات كبيرة يحدث لها تقلص في الطول كما أن الزمن فيها يتمدد – يبطئ – وتتزايد كتلتها، فمثلا تخيل طائرة طولها مئة متر تقف على مدرج الطيران وفي لحظة ما بدأت محركاتها بالعمل وأخذت في التحرك بسرعة متزايدة فعندما تتزايد سرعتها إلى قيمة كبيرة يلاحظ الراصد خارجها أن طولها قد نقص بينما زادت كتلتها كما يلاحظ أنه كلما زادت سرعتها تقلص طولها أكثر وعندما تصل سرعتها إلى سرعة الضوء فإن طولها ينعدم ويصبح صفرا لراصد يشاهدها من جملة ساكنة، أي تختفي الطائرة وتتزايد كتلتها إلى مالا نهاية وبالنسبة للراكب فيها يتباطئ الزمن أثناء تزايد سرعتها، وعندما تصل لسرعة الضوء يتوقف الزمن تماما وربما مر على الراكب مئات الألوف من السنين ولا تسجل ساعته ثانية واحدة، وبالتالي لا يتقدم به العمر ولا يشيخ فإذا تباطأت سرعة الطائرة فإنها تعود للظهور والعودة إلى طولها الطبيعي وعند توقفها ويهبط منها الراكب ومازال محتفظا بشبابه ليشاهد على الأرض سكاناً آخرين غير أصحابه، ويشاهد عالما آخر غير عالمه الذي انطلق منه
4 اختراق حاجز الزمن:
مكنت ظاهرة تمدد الزمن عند الحركة بسرعات قريبة من سرعة الضوء النظرية النسبية من فتح فجوة مناسبة في حاجز الزمن وقهرت مشكلة عبوره، فإذا فرضنا مجموعة من الفلكيين الراغبين في دراسة مجرة المرأة المسلسلة (آندروميدا) قد انطلقوا نحوها بسفينة فضائية سرعتها تقارب سرعة الضوء .فإن الزمنسوف يتباطئ داخل سفينتهم ويصلونها خلال بضعة أسابيع بالنسبة إليهم لكنهم يكونوا في الحقيقة قد أمضوا حوالي مليونين من السنوات بالنسبة لأصدقائهم على الأرض ــ تلك الفترة الزمنية هي بعد تلك المجرة عن الأرض ـ ولسوف يشاهدون اقترابهم منها تيارا من الوضعيات والحالات المتتالية وكأن فيلم سينمائي سريع جدا للظروف التي مرت بها المجرة مثل تشكل النجوم وانفجار بعضها أو ربما انفجار مجرة بأكملها وذلك قبل أن يعرف سكان الأرض اللذين هم منهم تلك الحقائق ولنفترض أنهم اكتشفوا معلومات مثيرة عن تلك المجرة ويريدون بثها للأرض بإشارات راديوية فإن تلك الإشارة ستأخذ مليونين من السنوات حتى تصل إلى الأرض لذلك فهم يفضلون حملها معهم للأرض لاختصار الزمن باستعمالهم نفس السرعة القريبة من سرعة الضوء في العودة للإبطاء من الزمن . وسيصلون عند إذا الأرض خلال أسابيع فقط كما كان الحال في حالة الذهاب فإذا أخبروا أصدقائهم بما قد شاهدوه في المجرة من ظواهر فإنهم سيكتشفون أن سكان الأرض ليس لديهم الحماس لسماع تلك المعلومات لأنها وصلت إليهم عن طريق ضوء المجرة ذاتها منذ أسابيع فقط وسيكتشف المسافرون أيضا أنه قد مر على الأرض فترة زمنية مقدارها أربعة ملايين سنة هي زمن ذهابهم للمجرة وإيابهم منها.
وسيكتشف المسافرون أيضا أنه قد مر على الأرض فترة زمنية مقدارها أربعة ملايين سنة هي زمن ذهابهم للمجرة وإيابهم منها.
إن هذه القصة الضوئية الزمنية يمكن تسميتها بالتناقص التوأمي لكنه في الحقيقة ليس تناقضا فعليا لأنه على الرغم من أنه يبدوا يتلاعب في قصة الزمن والضوء (أحد التوأمين يسافر والآخر يمكث على سح الأرض.) يعطي فكرة عميقة لمفهوم البعد الرابع.
5 سرعة الضوء مستقلة عن حركة المنبع والراصد:
تتضمن النظرية النسبية أيضا إنه لا يوجد جسم مادي يتحرك بسرعة أكبر أو تساوي سرعة الضوء وبالتالي لا داعي لإضافة سرعة حركة الجسم إلى سرعة الضوء الصادر عنه إذا كان يتحركا باتجاه واحد كما لا يجوز طرح سرعة الجسم من سرعة الضوء الصادر عنه إذا كان يتحركان باتجاهين مختلفين، لأن سرعة الضوء لا تتغير ولا تتعلق بحركة الجسم المشع له أو المنعكس عليه كما لا تتعلق بحركة الراصد وسكونه.
إن قوانين الفيزياء هي قوانين الطبيعة فهي لا تمنع السفر بسرعة كبيرة مثل سرعة الضوء ولتكن سرعة الجسم المتحرك هي 99.9% من سرعة الضوء لكي يستحيل صنع مادة تتحرك بسرعة الضوء تماما، من سرعة الضوء لكي يستحيل صنع مادة تتحرك بسرعة الضوء تماما أي لا يوجد مادة تكتسب السرعة الباقية وهي 0.1% من سرعة الضوء.
المراجع: 1 كتاب قصة نشوء الكون تأليف الدكتور / علي موسى ـــ والدكتور مخلص الريس الناشر دار دمشق للطباعة والنشر مطبعة بيطار وجوهر ــــــــ دمشق حلبوني الطبعة الاولى 1990 حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى عام 1990م
أحسنت مقالة رائعة
ردحذف